تواجه اتفاقية تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر، البالغة قيمتها نحو 35 مليار دولار حتى عام 2040، عراقيل جديدة تهدد تنفيذها، بعد رفض وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين المصادقة عليها، رغم ضغوط أميركية متزايدة لإقرارها.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن وزير الطاقة الأميركي كريس رايت ألغى زيارة كانت مقررة إلى إسرائيل الأسبوع المقبل، احتجاجاً على رفض تل أبيب اعتماد الاتفاق، مشيرة إلى أن واشنطن تعتبر تعطيله خطوة "غير مبررة" في ظل الأزمة الإقليمية الراهنة.
وأفاد مكتب كوهين بأن هناك "قضايا عالقة تتعلق بالتسعير المحلي والمصالح الوطنية"، موضحاً أن إسرائيل "لن تمضي قدماً في الاتفاقية حتى يتم تأمين سعر عادل للسوق المحلية وتغطية احتياجاتها الداخلية من الطاقة".
في المقابل، أشارت مصادر في القاهرة إلى أن وزارة البترول المصرية كثّفت إجراءاتها لتأمين احتياجات السوق المحلية من الغاز تحسباً لأي توقف في الإمدادات الإسرائيلية، خصوصاً بعد الانقطاع المؤقت الذي شهدته خطوط التوريد في يونيو الماضي لأسباب أمنية.
صفقة تاريخية ومصالح متشابكة
الاتفاقية الجديدة، التي وُقّعت في 7 أغسطس (آب) الماضي بين شركة "نيو ميد" الإسرائيلية ووزارة البترول المصرية، تستند إلى إنتاج حقل "ليفياثان" العملاق في البحر المتوسط، وتتيح تصدير نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بدءاً من عام 2026، عبر ربط خط الأنابيب الإسرائيلي في نيتسانا بالحدود المصرية.
وتأتي الصفقة امتداداً لاتفاق سابق وُقّع عام 2020 لتصدير 60 مليار متر مكعب من الغاز حتى عام 2030، وقد تم بالفعل تزويد مصر بـ23.5 مليار متر مكعب حتى الآن.
ووفق بيانات رسمية، شهد إنتاج مصر من الغاز انخفاضاً بنسبة 42% خلال خمس سنوات، ما جعلها أكثر اعتماداً على الغاز الإسرائيلي الذي يغطي حالياً بين 15 و20% من استهلاكها المحلي.
ويرى خبراء أن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول استخدام ملف الغاز كورقة ضغط سياسية، سواء في العلاقة مع القاهرة أو في مفاوضاتها حول مستقبل قطاع غزة، وسط انتقادات داخلية إسرائيلية وأخرى أميركية لتحويل الصفقة إلى أداة سياسية.
وقال أحمد قنديل، رئيس وحدة دراسات الطاقة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن "الخلاف الأميركي ـ الإسرائيلي بشأن الصفقة يعكس رفض واشنطن تسييس ملف الطاقة، خاصة أن الشركات الأميركية مثل شيفرون لديها مصالح مباشرة في مصر والأردن، ولا ترغب في تعطيلها بسبب حسابات سياسية إسرائيلية".
وأضاف قنديل أن "القاهرة جاهزة لكل السيناريوهات عبر تنويع مصادرها من الغاز، بما في ذلك الاتفاق مع موردين من قطر والجزائر وقبرص، لتقليل اعتمادها على الإمدادات الإسرائيلية".
من جانبه، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور أن "إسرائيل توظف علاقاتها الاقتصادية مع مصر لتحقيق مكاسب سياسية تتعلق بترتيبات ما بعد الحرب في غزة، لكنها تخاطر بإفساد علاقات استراتيجية مع القاهرة"، مشيراً إلى أن "مصر تضع أمنها القومي فوق أي اعتبارات اقتصادية".
نفوذ استراتيجي متصاعد
وتشير تقارير مثل مجلة "إيبوك" وصحيفة "معاريف" إلى أن الصفقة تمنح إسرائيل نفوذًا استراتيجيًا على كل من مصر والأردن، مما يجعلها قوة إقليمية صاعدة دون الحاجة لأي عمل عسكري.
وأشار تقرير "معاريف" إلى أن إسرائيل تمكنت عبر هذه الصفقة من "هزيمة قوتين عربيتين عظيمتين دون إطلاق رصاصة واحدة"، في إشارة إلى مصر والأردن، موضحًا أن الغاز الإسرائيلي سيكون ضروريًا لمصر التي تواجه عطشًا للطاقة مع عدد سكان يتجاوز 110 ملايين نسمة، حيث يساهم الغاز في تشغيل محطات الكهرباء وتجنب أزمة طاقة محتملة.
وفي الوقت ذاته، تؤكد القاهرة أن الاتفاق تجاري بحت يهدف إلى دعم الاستقرار الطاقي وتحقيق هدفها المعلن بأن تكون مركزاً إقليمياً لتجارة الغاز في شرق المتوسط، دون أي ارتباطات سياسية أو تنازلات سيادية.

